انتقلت عدوى الأزمة الأميركية إلى جميع أنحاء العالم مع ملاحظة أن نسبة التراجع لم تكن على وتيرة واحدة ، وهبط المؤشر العام حتى في دول لا توجد فيها استثمارات أميركية في البورصة كالسعودية بنسبة تفوق هبوط المؤشر العام في بلدان أخرى لا تضع قيوداً على الاستثمارات الأجنبية ومن بينها الأميركية كأوروبا.
انفجار الفقاعة العقارية الأمريكية سبب الأزمة
كان
انفجار الفقاعة العقارية الأميركية عاملاً مهماً لهبوط أسهم الشركات الأخرى غير
العاملة في القطاع العقاري. في حين لا وجود لمثل هذا العامل في دول أخرى ومع ذلك
هبطت أسهم شركاتها العقارية وغير العقارية. الأسهم التي أصابها تدهور شديد في
الخليج لا علاقة لها بالأنشطة العقارية بل بالاستثمارات البتروكيمياوية أي بسلع
التجارة الخارجية. وحتى على افتراض معاناة القطاع العقاري من مشاكل مالية على
الصعيد العالمي فمن غير المعقول أن تستفحل الأزمة وتنهار الأسهم في العالم في نفس
اليوم
عوامل الأزمة المالية الأمريكية العالمية
العامل
الأول والأساس
هو ظهور بوادر الكساد الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمر الذي ينعكس على صادرات البلدان الأخرى وعلى أسواقها المالية. فالولايات المتحدة اكبر مستورد في العالم حيث بلغت وارداتها السلعية 1919 مليار دولار أي 15.5% من الواردات العالمية (إحصاءات التجارة الخارجية لعام 2006 الصادرة عن منظمة التجارة العالمية).
أما
العامل الثاني
فهو تعويض الخسارة حيث اعتاد بعض أصحاب رؤوس الأموال الاستثمار في عدة أسواق مالية في آن واحد. فإذا تعرضت أسهمهم في دولة ما للخسارة فأن أسهمهم في دولة أخرى قد لا تصيبها خسارة.
في بعض
البلدان العربية كمصر والسعودية هبط المؤشر العام بسبب هذه العمليات التي قام بها
مستثمرون في هذين البلدين نتيجة خسارتهم فى وول ستريت.
وفيما
يتعلق بالعامل الثالث
فيتمثل بالخوف من هبوط جديد وحاد لسعر صرف الدولار الأميركي مقابل العملات الرئيسة الأخرى. وهبطت قيم الأسهم بين مطلع عام 1987 ومطلع عام 2008 في الولايات المتحدة سبع مرات بنسب عالية.
وعلى هذا الأساس فأن أية أزمة مالية في الولايات المتحدة تقود إلى سحب استثمارات من هذه الأقطار لتتوطن في دول أخرى ذات عملات معومة كأوروبا وبلدان جنوب شرق آسيا.
تأثير الازمة المالية على القطاع الأوروبي:
تأثر
بشدة خاصة فى روسيا خطاب فلاديمير بوتين رئيس وزراء روسيا الاتحادية
في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس لقد واجه العالم اليوم أول ازمة اقتصادية
شاملة حقيقية.
علما ان
سرعة وتيرة تطور مظاهر الازمة قد ضربت جميع الأرقام القياسية وغالبا ما تجري
مقارنة الوضع الحالي بفترة الركود الكبير في نهاية العشرينيات وبداية الثلاثينيات
من القرن الماضي. وثمة تشابه في الوضع فعلا لكن توجد اختلافات مبدئية أيضا.
ففي عصر العولمة مست الأزمة الجميع - فقد أصبحت
جميع البلدان بغض النظر عن نظامها السياسي او الاقتصادي في مركب واحد.
ومن وجهة
نظرنا فان الازمة ولدت بسبب عدة عوامل مجتمعة معا دفعة واحدة.
انها فشل
النظام المالي القائم. بنتيجة المستوى
المنخفض للتحكم. ولهذا أضحت المخاطر الجسيمة خارج نطاق الحساب اللازم.
انها
تتمثل في مظاهر الاختلال الهائلة في التوازن الناشئة في الأعوام الأخيرة. وبالدرجة
الأولى عدم التوازن بين نطاقات العمليات المالية والقيمة الأساسية للأصول.. وبين
الضغوط المتنامية على القروض الدولية ومصادر توفيرها.
وحدث خلل
خطير في منظومة النمو الاقتصادي العالمي
نفسها - حيث يقوم مركز إقليمي واحد بطبع النقود بلا توقف ويستهلك الخيرات.
بينما
يقوم مركز آخر بإنتاج السلع الرخيصة ويدخر النقود التي تطبعها الدول الأخرى.
وأضيف
الى ذلك ان مناطق كبيرة من العالم ومنها
أوروبا أضحت في هذه المنظومة بمثابة
أقاليم ريفية منعزلة في العمليات الاقتصادية العالمية.
ومعنى ذلك انها بعيدة عن اتخاذ القرارات
الاقتصادية والمالية الرئيسية والحيوية.
وفي
خاتمة المطاف ان هذه الازمة نشأت عن التوقعات المبالغ فيها. فقد تضخمت بشكل غير
مبرر مطامع الشركات بصدد تنامي الطلب باستمرار.
وغدا التهافت على مؤشرات الأوراق المالية ورؤوس الأموال يهيمن بجلاء على زيادة
الإنتاج والمردود الفعلي للشركات.
ومما
يؤسف له ان تضخيم التوقعات قد ساد ليس في أوساط رجال الاعمال فقط. أنه أثر في النمو
السريع لمعايير الاستهلاك الشخصية - ولا سيما في البلدان المتطورة. فهذا النمو لم
يكن مدعوما ، ولنقل هذا بصراحة ، بالإمكانيات الواقعية. ان هذا الرخاء لم يكتسب
بالعمل. بل انه الرخاء الذي تحقق بالدين الواجب تسديده من قبل الأجيال
القادمة.
وقد وصل دور الدولة في الاتحاد السوفيتي في
الاقتصاد في القرن الماضي الى حد اللامعقول. وأدى هذا في نهاية المطاف الى جعل
الاقتصاد كله غير قادر على المنافسة. وكلفنا هذا الدرس ثمنا غاليا. وانا على ثقة
بأنه لا يريد احد تكراره.
ولا يجوز
ان نغمض اعيننا عن انه يجري في الأشهر الأخيرة فقدان روح ادارة الاعمال. وبضمن ذلك
فقدان المسئولية الشخصية لرجل الاعمال والمستثمر والمساهم عن قراراته نفسه. ولا
تتوفر اية مسوغات للاعتقاد بأن من الممكن
تحقيق نتائج أفضل بألقاء المسئولية على الدولة.
وقد
يواجه الاقتصاد العالمي في مرحلة الخروج من الازمة نقصا في موارد الطاقة. وربما
يصبح معرضا لخطر " ضمور" النمو مستقبلا.
اننا
طرحنا قبل ثلاثة أعوام في قمة " الثمانية الكبار" مسألة الامن العالمي
في مجال الطاقة.. ودعونا الى المسئولية المشتركة للبائعين والمستهلكين ولمن ينقل
مواد الطاقة بالترانزيت. واعتقد ان الوقت قد حان لأطلاق الآليات الفعالة لهذه
المسئولية بشكل حقيقي.
ان
السبيل الوحيد لضمان الامن العالمي في
مجال الطاقة هو تكوين الترابط المتبادل ، وبضمن ذلك تبادل الأصول بدون اي تمييز او
معايير مزدوجة . ان مثل هذا الترابط
المتبادل بالذات يولد المسئولية المتبادلة الفعلية.
ومما
يؤسف له ان ميثاق الطاقة الحالي لم يصبح اداة عاملة ومؤثرة قادرة على تسوية
الخلافات والمشاكل الناشئة.
لقد كشفت
الأزمة المشاكل الموجودة لدينا. انها تتجسد في الغلو في التوجه نحو تصدير المواد
الخام والاعتماد عليه في الاقتصاد عموما. وكذلك ضعف السوق المالية. ويطرح
بحدة أكبر مطلب تطوير عدد من مؤسسات السوق
القاعدية وفي مقدمتها توفير مجالات المنافسة.
وقد
عرفنا هذه المشاكل ونحن نصبو الى حلها بدأب. ان الأزمة ترغمنا فحسب على التحرك
بنشاط أكبر باتجاه الاولويات المعلنة ، دون تغيير الاستراتيجيات نفسها والتي يتمثل
جوهرها في تحديث روسيا نوعيا خلال فترة 10 - 12 عاما القادمة.
ان
سياستنا في مكافحة الازمة موجهة نحو
دعم الطلب الداخلي والحماية الاجتماعية
للسكان وتوفير فرص عمل جديدة. ونقوم شأننا شأن كثير من البلدان بتخفيض الضرائب على
الإنتاج مع الاحتفاظ بالنقود في الاقتصاد. كما نحدد نفقات الدولة بالشكل الأمثل.
لكن ،
وأكرر ذلك ، نحن نعمل الى جانب اتخاذ التدابير العاجلة للتعامل مع الوضع الناشئ
على اقامة منصة الانطلاق من أجل التنمية
بعد فترة الازمة.
وتخالجنا
القناعة بأنه ستتصدر عملية اعادة بناء الاقتصاد العالمي الدول التي توفر الظروف
الجذابة من اجل الاستثمار منذ الآن.
لهذا
يندرج ضمن اولوياتنا تكوين الجو المناسب لعمل أوساط الاعمال وتطوير المنافسة..
وتكوين منظومة ائتمانية مستقرة تقوم على
توفير موارد داخلية كافية.. وتنفيذ المشاريع في مجال النقل وغيرها من مشاريع البنية
الأساسية.
وتعتبر
روسيا منذ الآن من كبار مصدري العديد من سلع المواد الغذائية. وسيزداد فحسب رصيدنا
في ضمان الامن الغذائي في العالم.
كما سنطور بنشاط قطاعات المبتكرات الحديثة في الاقتصاد. وتتمتع روسيا بأفضليات المنافسة قبل كل شئ في مجال الفضاء وصناعة الطاقة الذرية والطيران. ونحن نتعاون مع البلدان الأخرى تكنولوجيا في هذه الاتجاهات بنشاط. ويمكن ان يغدو مجال توفير الطاقة من بين المواضيع الواعدة في العمل المشترك أيضا . ونحن نعتبر اعلاء مستوى مردود الطاقة احد العوامل الرئيسية لأمن الطاقة والتطور في المستقبل ، ونحن نواصل الإصلاحات في صناعة الطاقة الوطنية
ان التاريخ يمنح بلادنا فرصة نادرة. ويتطلب تطور الاحداث منا بإلحاح ان نعيد بناء اقتصادنا وان ندخل عنصر التحديث في الميدان الاجتماعي. ويجب ان تخرج روسيا من الازمة متجددة وأقوى واكثر قدرة على المنافسة.