اجراءات طلب اخلاء المكان المؤجر ايجار قديم
إجراءات طلب الإخلاء - مراحل ثلاثة : فإذا ما قدر المؤجر أن المستأجر قد تأخر عن الوفاء بالأجرة على النحو الذي فصلناه فيما تقدم ، وجب عليه حتى يحصل على حكم بإخلاء العين أن يتخذ إجراءات معينة حددها القانون كما رأينا ( م 2 فقرة أ من قانون إيجار الأماكن ) . هذه الإجراءات تمر على مراحل ثلاث : ( المرحلة الأولى ) تكيف المستأجر بالوفاء . ( المرحلة الثانية ) انقضاء خمسة عشر يوماً من وقت التكيف دون أن يقوم المستأجر بالوفاء . ( المرحلة الثالثة ) رفع دعوى الإخلاء .
641- المرحلة الأولى - تكليف المستأجر بالوفاء : وأول مرحلة في إجراءات طلب الإخلاء هي تكليف المؤجر المستأجر بالوفاء . ويعتبر هذا التكليف شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإخلاء ، وإلا حكم بعدم قبول الدعوى( ) . ويترتب على ذلك أنه لو كان التكيف باطلا( ) ، أو استنفد أغراضه في دعوى أخرى( ) ، أو كان عن أجرة مدة سابقة( ) ، أو نزل عنه لمؤجر( ) ، بطل مفعوله ووجبت إعادته ، وإلا كانت الدعوى غير مقبولة( ) . وتكون العبرة بالتنبيه الجديد ، إذا كان صحيحاً ، في سريان ميعاد الخمسة عشر يوماً .
وقد عين القانون طريقة التكليف بالوفاء ، فقال إنه يكون "بإعلان على يد محضر أو بكتاب مسجل يسلم له ( للمستأجر ) بإيصال" ( م 2 فقرة أ من قانون إيجار الأماكن ) . والإعلان على يد محضر لا يدع سبيلا للشك في حصول التكيف . أما الكتاب المسجل فقد قضي بأنه يجب أن يسلم إلى المستأجر شخصياً بإيصال يمضيه هو( ) ، ومن تاريخ هذا الإيصال يسري مفعول التكليف . وقد كان المرسوم رقم 140 لسنة 1946 ينص في المادة الثانية منه على اعتبار المطالبة بالأجرة قضاء كالإعلان على يد محضر وكالكتاب المسجل ، وقالت مذكرته الإيضاحي في هذا الصدد : "ولعل الأمر في هذا الشأن لم يكن في حاجة إلى نص ، لولا ما ذهب إليه البعض تفسراً للنص القديم من أن رفع الدعوى بالأجرة لا يسوغ طلب الإخلاء ما لم تسبقه المطالبة بالجرة بإعلان على يد محضر أو بكتاب مسجل"( ) . ونقل هذا النص في مشروع قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 ، ولكن لجنة العدل بمجلس الشيوخ حذفته على اعتبار أن تكليف المستأجر بدفع الأجرة يشمل المطالبة بها أمام القضاء فلا حاجة لذكر المطالبة القضائية ، وقالت في تقريرها في هذا المعنى : "رأت اللجنة أن تكليف المستأجرة بدفع الأجرة يشمل المطالبة بها أمام القضاء ، ولذلك اكتفت به" . وعلى ذل تكون المطالبة بالأجرة أمام القضاء طريقة صحيحة للتكليف بالوفاء تغني عن الكتاب المسجل وعن الإعلان على يد محضر . فإذا رفع المؤجر دعوى يطالب فيها المستأجر بالأجرة المتأخرة ، جاز له أن يعتبر صحيفة هذه الدعوى تكيفاً للمستأجر بالوفاء ، فيرفع دعوى الإخلاء بعد انقضاء خمسة عشر يوماً إذا لم يدفع المستأجر الأجرة المتأخرة خلال هذه المدة( ) . ويجوز للمؤجر أن يطلب صدور أمر أداء ، فيكون هذا الطلب تكليفاً للمستأجر بالوفاء ، ويغني عن الكتاب المسجل وعن الإعلان على يد محضر . كما يجوز له أن يستصدر أمراً على عريضة بتوقيع الحجز على منقولات المستأجر ، فيغني كذلك توقيع الحجز عن الكتاب المسجل وعن الإعلان على يد محضر( ) .
ويصدر التكليف بالوفاء من المؤجر ، ويوجه إلى المستأجر . فصدر من المؤجر ، ولو لم يكن مالكاً للعين المؤجرة ، كأن يكون صاحب حق انتفاع أو مستأجراً أصلياً ا مؤجراً لملك غيره( ) . ولا يكفي صدوره من المالك إذا لم يكن هو المؤجر( ) . فإذا كان المؤجر عدة شركات على الشيوع ، فإنه يكفي أن يصدر التكليف ممن يملك منهم أغلبية الأنصبة ولو لم يكن فيهم من أجر من الشركاء( ) . ويوجه التكليف بالوفاء إلى المستأجر ، فإذا مات تعين توجيه التكليف إلى جميع ورثته( ) . ويوجه التكليف إلى المقيمين مع المستأجر ولو لم يكونوا من ورثته ، وذلك في حالة امتداد الإيجار بحكم القانون لمصلحتهم( ) .
ولم يذكر القانون البيانات التي يجب أن تذكر في التكليف بالوفاء . ولكن المفهوم من سياق النص أن يتضمن التكيف تنبيهاً للمستأجر بالوفاء بالمتأخر عليه من الأجرة . فيذكر إذن اسم كل من المؤجر والمستأجر ، ويذكر مقدار الجرة الواجب الوفاء به( ) ، ويطلب من المستأجر الوفاء بهذا المقدار في مدة خمسة عشر يوماً من وصول التكليف إليه . وليس من الضروري أن يذكر تكليف بالإخلاء ، ولا أن دعوى الإخلاء سترفع ، إذا لم يقم المستأجر بالوفاء( ) .
642- المرحلة الثانية - القضاء خمسة عشر يوماً من وقت التكليف دون وفاء : وبعد أن يتم التكليف بالوفاء تدخل إجراءات الإخلاء مرحلتها الثانية . وهذه المرحلة هي انقضاء خمسة عشر يوماً من وقت وصول التكليف إلى المستأجر دون أن يقوم هذا بالوفاء . ولا يجوز الدخول في المرحلة الثالثة قبل انتهاء المرحلة الثانية ، أي لا يجوز رفع دعوى الإخلاء قبل انقضاء مد الخمسة عشر يوماً م وقت التكليف بالوفاء ، وإلا كانت الدعوى غير مقبولة لرفعها قبل الأوان .
وتحسب مدة الخمسة عشر يوماً من وقت وصول التكليف بالوفاء إلى المستأجر ، على أية طريقة حصل هذا التكليف( ) . ولا يحسب يوم وصول التكليف إلى المستأجر . وتضاف مواعيد المسافة إذا كان الوفاء بالأجرة واجباً في موطن المؤجر( ) . وينقضي الميعاد بانقضاء اليوم الأخير منه ( م20 مرافعات ) ( ) فإذا لم يف المستأجر بالأجرة المتأخرة حتى انقضاء الميعاد محسوباً على هذا النحو ، فعند ذلك يجوز للمؤجر رفع دعوى الإخلاء( ) كما سبق القول .
ويخلص من ذلك أن طلب الإخلاء لا يكون مقبولا إذا وفي المستأجر الأجرة المتأخرة في أي يوم حتى نهاية اليوم الخامس عشر( ) . فإذا كانت الأجرة واجبة الدفع في موطن المستأجر ، فيبدو أن على المؤجر بعد إرسال التكليف بالوفاء أن يسعى إلى المستأجر ، فيبدو أن على المؤجر بعد إرسال التكليف بالوفاء أن يسعى إلى المستأجر ، بنفسه أو بوكيل عنه يفوضه في قبض الأجرة كبواب العمارة مثلا ، ويكفي في ذلك أن يمر على المستأجر في موطنه - والغالب أن يكون هو نفس المكان المؤجر - مرة واحدة قبل غروب الشمس اليوم الخامس عشر . فإذا لم يجد الأجرة حاضرة أشهد على ذلك من يحضره لهذا الغرض حتى يستطيع إثبات عدم وفاء المستأجر بالأجرة في الميعاد ، وعند ذلك يعد المستأجر متخلفاً عن دفع الأجرة ويجوز للمؤجر أن يرفع دعوى الإخلاء( ) . أما إذا كانت الأجرة واجبة الدفع في موطن المؤجر ، أو رأى المستأجر أن يدفعها في هذا الموطن ، فإنه يجوز دفعها بتسليمها إلى المؤجر أو إلى من له صفة في قبضها عنه ، فإن امتنع هذا من تسلمها عرضها عليه عرضاً حقيقياً على يد محضر ثم تودع خزانة المحكمة . ويجوز كذلك للمستأجر أن يرسل الأجرة للمؤجر بحوالة بريدية( ) ، ولكن لا يكفي في إثبات دفع الأجرة في هذه الحالة أن يبرر المستأجر كعب الحوالة البريدية إذا أنكر المؤجر قبض الأجرة ، بل يتعين على المستأجر أن يثبت أن قيمة الحوالة قد صرفت إلى المؤجر وذلك عن طريق شهادة رسمية بذلك من مصلحة البريد( ) .
ويلاحظ أنه إذا كان التكليف بالوفاء شاملاْ لما استحق من الأجرة حتى تاريخ التكليف وما سيستحق منها إلى يوم الوفاء ، تعين في هذه الحالة أن يوفي المستأجر الأجرة المستحقة إلى يوم الوفاء( ) .
المرحلة الثالثة - رفع دعوى الإخلاء : فإذا انقضى اليوم الأخير من الميعاد القانوني دون أن يوفي المستأجر بالأجرة المتأخرة ، جاز للمؤجر ابتداء من اليوم التالي لانقضاء الميعاد أن يرفع دعوى الإخلاء( ) ، حتى لو عرض المستأجر الدفع قبل رفع الدعوى ما دام العرض لم يحصل إلا بعد انقضاء الميعاد القانوني( ) . ومن باب أولى لو عرض المستأجر الأجرة في الجلسة لا يقبل هذا العرض( ) . ولا يجوز للمؤجر رفع دعوى الإخلاء قبل انقضاء الميعاد القانوني ، وإلا كانت الدعوى غير مقبولة لرفعها قبل الأوان كما سبق القول ، وتقضي المحكمة بعدم القبول من تلقاء نفسها في أية حالة كانت عليها الدعوى . والعبرة في ذلك بتاريخ تقديم الطلب لا بتاريخ إعلانه إلى الخصم ، لأن الدعوى تعتبر قد تم رفعها منذ تقديم الطلب( ) . فلو قدم المؤجر طلب الإخلاء قبل انقضاء الميعاد القانوني ، كانت الدعوى غير مقبولة ، حتى لو كانت الجلسة المعينة لنظر الطلب أو كان إعلان المستأجر به بعد انقضاء الميعاد( ) .
والمجر الذي صدر منه التكليف بالوفاء هو الذي يرفع دعوى الإخلاء ، وقد قدمنا أنه قد يكون غير مالك للعين كأن يكون صاحب حق انتفاع أو مستأجراً أصلياً أو مؤجراً لملك غيره . وقدمنا أيضاً أنه إذا كان المؤجر عدة شركاء في الشيوع ، فإن من يملك منهم أغلبية الأنصبة يصح أن يصدر منه التكليف بالوفاء( ) . ويصح كذلك أن يرفع دعوى الإخلاء ، فإذا رفعها من لا يملك أغلبية الأنصبة لم تكن الدعوى مقبولة( ) . و كما يجوز لمن صدر منه التكليف بالوفاء رفع دعوى الإخلاء ، كذلك يجوز رفع هذه الدعوى ممن يخلف ، من خلف عام كوارث أو خلف خاص كمشتر للعين المؤجرة( ) .
وترفع دعوى الإخلاء إلى المحكمة الكلية المختصة بموجب أحكام التشريع الاستثنائي( ) ، لا إلى المحكمة المختصة بحسب أحكام القانون العام ويغلب أن تكون هي المحكمة الجزئية أو محكمة الأمور المستعجلة . وترفع وفقاً للإجراءات الخاصة التي رسمها التشريع الاستثنائي ، ويكون الحكم فيها غير قابل لأي طعن( ) ، وسيأتي تفصيل كل ذلك فيما يلي .
ويتعين على المحكمة أن تقضي بالإخلاء متى ثبت لها أن المستأجر لم يوف بالأجرة المتأخرة في الميعاد الذي عينه القانون ، ما دامت هذه الأجرة لم تكن محل نزاع جدي وما دام لم يثبت لها أن المستأجر عرض الأجرة على المؤجر ولو عرضا وديا( ) . ولا يجوز أن يكون طلب الإخلاء محل تقدير للمحكمة تجيب المؤجر إليه أو لا تجيب ، فإن هذه السلطة التقديرية قد منحت للقاضي في دعوى الفسخ التي تستند إلى القواعد العامة ، لا في دعوى الإخلاء التي تستند إلى أحكام التشريع الاستثنائي . والسبب في ذلك أن التشريع الاستثنائي قد منح للمستأجر مزايا عدة ، وأجاز له البقاء في العين المؤجرة بعد انقضاء مدة الإيجار الأصلية وال المدة التي يريدها بأجرة مخفضة ، ومنحه في الوفاء بالأجرة ميعاد خمسة عشر يوماً من وقت التكليف بالوفاء وهي مهلة تشريعية تقوم مقام المهلة القضائية . وفي مقابل هذه المزايا فرض عليه التزامات تشدد في أخذه بها حتى لا يضار المؤجر بأكثر مما قصد إليه المشرع ، وعلى رأس هذه الالتزامات الالتزام بدفع الأجرة في الميعاد القانوني . فإذا أخل المستأجر بهذا الالتزام لم يسع القاضي ، وهو في صدد تطبيق تشريع استثنائي وازن موازنة دقيقة بين حقوق المستأجر والتزاماته ، إلا أن يحكم بفسخ الإيجار وبأخلاء العين المؤجرة ، دون أن تكون له أية سلطة تقديرية في ذلك( ) .
وإنما تكون له السلطة التقديرية في منح أجل للمستأجر في تنفيذ الحكم بالإخلاء ، فيجوز للقاضي تطبيقاً للمادة 346/2 مدنين أن ينظر المستأجر إلى أجل معقول ينفذ فيه الحكم بالإخلاء ، إذا استدعت حالته ذلك ولم يلحق المؤجر من هذا التأجيل ضرر جسيم( ) .
والحكم بالإخلاء يتضمن تسليم العين لأن التسليم نتيجة حتمية للإخلاء ، لذلك تقضي المحكمة بالإخلاء والتسليم( ) .